لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
شرح لمعة الاعتقاد
199975 مشاهدة
مقولة الجعد بن درهم

ولكن لما جاءهم من يشكك في هذه الصفات التي هي صفات الكمال عند ذلك تغيرت فطر كثيرٍ، فنشأ أول من أظهر هذه العقيدة الزائفة التي هي إنكار صفات الله -عز وجل- رجل يقال له الجعد بن درهم خيل إليه أن الله تعالى ليس بمتكلم، وأنه لا يكلم أحدا، فأنكر أن يكون الله كلم موسى تكليما، وأنكر أن يكون القرآن كلام الله، ثم خيل إليه أيضا أن الله لا يتصف بصفات الكمال ومن جملتها المحبة والخلة، وأظهر بأن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا يعني محبوبا له، وأن الله لا يحب المتقين، ولا يحب المحسنين، ولا يحب المؤمنين، وهكذا أيضا أنكر صفات الله بأكملها التي هي صفات فعل، فلما أظهر ذلك عرف بأنه ضال مضل فقتله أحد الأمراء لهذا السبب، الذي قتله خالد القسري لما أظهر ذلك وأصر على هذا الاعتقاد.